دخلت سوق العملات الرقمية في موجة “نفور من المخاطرة” بعد إعلان الحكومة الأمريكية وقف نشر بيانات التوظيف والتضخم لشهر أكتوبر بسبب الإغلاق الحكومي الأخير، الأمر الذي أدى إلى موجة تصفية هائلة تجاوزت 610 ملايين دولار ودفع بيتكوين للهبوط إلى مستوى 100 ألف دولار.
غياب البيانات الحيوية دفع الأسواق والمتداولين وصناع السياسة في الاحتياطي الفيدرالي إلى حالة من الضبابية، إذ فقدت السوق أهم المؤشرات التي تُبنى عليها القرارات الاقتصادية في فترة حساسة من العام.
كيف يضرب “غياب البيانات” الأسواق؟
عندما تتوقف البيانات الاقتصادية، تصبح الأصول الحساسة للخبر أكثر عرضة للتقلب. تتراجع السيولة، وينكمش عدد المشترين، وتتحول التداولات إلى ردود فعل عاطفية بدلًا من التحليل الأساسي. عندها تقوم أوامر البيع التلقائية بتسريع الانهيار وتضاعف موجات التصفية.
ومع غياب بيانات CPI والتوظيف لشهر أكتوبر، بدأت الأسواق الآجلة بتسعير احتمال أقل لخفض الفائدة في ديسمبر. بعد أن كان الاحتمال 90% في نهاية أكتوبر، هبط الآن إلى 56% فقط وفق منصة Polymarket، ما سحب عن الأسواق دفعة التفاؤل التي كانت تعزز أسعار الأصول الرقمية.
تدفقات ETF لم تنقذ السعر: 524 مليون دولار دون أثر
في ظل هذه الفوضى، كشفت السوق انفصالًا واضحًا بين التدفقات المؤسسية وحركة الأسعار. فقد ضخّت صناديق Spot Bitcoin ETF ما يقارب 524 مليون دولار في يوم واحد، ورغم ذلك لم يرتفع السعر واستمر بالحركة الجانبية.
يعكس هذا السلوك انسحاب المتداولين الكبار وانتظارهم لإشارات واضحة قبل اتخاذ قرارات جديدة، ما يجعل السعر حساسًا لأي ضغط بيعي أو حركة مفاجئة في المشتقات.
بيانات القطاع الخاص… مؤشرات ضعف إضافية
مع توقف البيانات الرسمية، اتجه المتداولون إلى مصادر خاصة — لكنها لم تكن مشجّعة.
أظهر تقرير ADP إضافة 42 ألف وظيفة فقط، في حين كشف تقرير Challenger أن الشركات الأمريكية أعلنت خططًا لتسريح أكثر من 153 ألف موظف، بزيادة ضخمة بلغت 183%، ما يشير إلى تدهور واضح في سوق العمل.
الفيدرالي “يطير بلا أجهزة”… والسوق شديدة الرافعة
مع غياب المؤشرات الأساسية، يتحرك الفيدرالي الآن في “عتمة بيانات”، فيما تبقى أسواق العملات الرقمية أكثر عرضة للمضاربات العالية. أي قوة في الدولار أو ميل عام نحو الأصول منخفضة المخاطرة أو حركة بيع في المشتقات قد تُحدث تقلبات عنيفة.
خلاصة
حتى تعود البيانات الاقتصادية الأمريكية إلى مسارها الطبيعي، تبقى أسواق العملات المشفرة معرضة لهزات مفاجئة وهبوط حاد، بينما يستمر المتداولون في ترقّب وضوح الصورة الاقتصادية التي يعتمد عليها الفيدرالي في قراراته القادمة.




