أرسل تقرير الوظائف الأمريكي الأخير إشارات متباينة عبر الأسواق المالية، مع ارتفاع البطالة وتباطؤ واضح في وتيرة التوظيف. هذا الغموض في المشهد الاقتصادي انعكس مباشرة على بيتكوين وبقية العملات المشفرة، حيث أعاد المتداولون تقييم توقعاتهم بشأن سياسات الاحتياطي الفيدرالي.
البطالة تسجل أعلى مستوى منذ 2021… والنمو الوظيفي يفقد الزخم
كشف تقرير الوظائف المؤجل لشهر سبتمبر 2025 ارتفاع معدل البطالة إلى 4.4%، وهو أعلى مستوى يُسجل منذ أكتوبر 2021، رغم إضافة الاقتصاد 119,000 وظيفة – رقم أعلى من المتوقع لكنه يعكس تباطؤًا عامًّا.
وأشارت وزارة العمل الأمريكية إلى أن نمو الوظائف غير الزراعية لم يشهد “تغييرًا كبيرًا منذ أبريل”، رغم استمرار التوظيف في قطاعات الرعاية الصحية والمطاعم والخدمات الاجتماعية.
في المقابل، شهدت قطاعات النقل والتخزين والوظائف الحكومية الفيدرالية انخفاضًا واضحًا، ما يعكس تعافياً غير متوازن.
ورغم هذه المؤشرات السلبية، وصفت وزارة العمل هذه النتائج بأنها دليل على “استعادة الحلم الأمريكي” تحت إدارة الرئيس ترامب.
أما الاقتصادي جاستن وولفرز فقد حذّر من قراءة التقرير كإشارة مفردة، مشبّهًا إياه بـ”ميزان الحمام” الذي يعطي صورة لحظية لا تشكل اتجاهًا كاملًا، لكنه أشار إلى أن ارتفاع البطالة يشير إلى أن الاقتصاد “يستهلك الكثير من الوجبات الاقتصادية غير الصحية”.
انعكاس مباشر على السوق: بيتكوين تهبط وشطب مراكز بأكثر من 2 مليار دولار
تحركت أسواق العملات المشفرة بسرعة بعد صدور التقرير، حيث تراجع سعر بيتكوين إلى ما دون 82,000 دولار بالتزامن مع هبوط أسهم التكنولوجيا.
أدى الذعر إلى تصفية أكثر من 2 مليار دولار من المراكز في سوق الكريبتو، بينها 962 مليون دولار من مراكز بيتكوين وحدها.
وفي الساعتين التاليتين فقط بعد صدور البيانات، تم شطب 450 مليون دولار من صفقات الرافعة المالية مع تعديل المتداولين لتوقعاتهم بشأن قرارات الفيدرالي المقبلة.
تخبط حول خطوة الفيدرالي التالية
يواجه المتداولون حالة انقسام واضحة:
-
ارتفاع البطالة يعزز احتمال خفض الفائدة
-
الخوف من التضخم يجعل الفيدرالي مترددًا في التيسير المالي بسرعة
بعد التقرير، خفّضت الأسواق توقعات خفض الفائدة في يناير 2026 من 55% إلى 20%.
أما بالنسبة لقرار ديسمبر، فقد ارتفعت احتمالات الخفض إلى 70% مقارنة بـ39% في اليوم السابق.
الجدير بالذكر أن تقرير وظائف أكتوبر تم إلغاؤه بسبب الإغلاق الحكومي، وبيانات نوفمبر ستصدر بعد اجتماع الفيدرالي، ما يترك صناع القرار بنقص كبير في البيانات الدقيقة.
ماذا يعني هذا لبيتكوين ومستقبل العملات المشفرة؟
السوق الآن عالق بين الخوف والفرص.
ارتفاع البطالة يشير إلى تباطؤ اقتصادي قد يدفع الفيدرالي لخفض الفائدة — وهو عادةً أمر إيجابي للأصول عالية المخاطر مثل بيتكوين.
لكن قوة التوظيف النسبي واستمرار الضغوط التضخمية تضيف طبقة من عدم اليقين، ما يبقي التقلبات مرتفعة.
يرى المحللون أن متداولي بيتكوين حذرون لكنهم ليسوا هبوطيين بالكامل طالما بقي السعر فوق 80,000–90,000 دولار بانتظار وضوح أكبر في البيانات الاقتصادية.
حتى المستثمر المخضرم راي داليو حذّر من احتمال وجود “فقاعة” في الأسواق، لكنه لا يرى محفزًا لانهيار مفاجئ، داعيًا إلى تنويع الأصول — بما فيها الذهب – وهي نصيحة يمكن تطبيقها أيضًا على بيتكوين كأصل نادر.
الخلاصة: تقلبات مستمرة مع اقتراب نهاية 2025
بين الانكماش الواضح في سوق العمل، وتذبذب توقعات الفيدرالي، وعمليات التصفية الضخمة في السوق، يبدو أن العملات الرقمية ستظل شديدة التقلب خلال الفترة المقبلة. المتداولون يترقبون بيانات أقوى لتحديد الاتجاه القادم، بينما يبقى مستوى 80 ألف دولار هو نقطة المراقبة الأهم لبيتكوين.




