واصل سوق العملات الرقمية هبوطه من يوم الجمعة إلى السبت، في ظل اجتماع عدة عوامل ضاغطة دفعت السوق إلى موجة تصحيح جديدة. ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية، وخروج الاستثمارات المؤسسية من صناديق ETF، إضافة إلى موجة تصفيات عنيفة، كلها ساهمت في تعميق التراجع.
العملات الكبرى مثل بيتكوين وإيثيريوم وXRP وسولانا وBNB وسعت من خسائرها الممتدة منذ أكثر من شهر، مع تراجع شهية المخاطرة على مستوى السوق بالكامل. وخلال ساعات قليلة فقط، فقدت القيمة السوقية الإجمالية للعملات الرقمية أكثر من 80 مليار دولار، مسجلة انخفاضا يوميا بنسبة 2.7%، ما أعاد مؤشر المزاج العام إلى منطقة الخوف.
تدفقات صناديق ETF تسجل تراجعا حادا
كشفت بيانات منصة SoSoValue عن تغير حاد في تدفقات صناديق بيتكوين الفورية خلال يومين فقط. يوم الخميس 4 ديسمبر، سجلت هذه الصناديق صافي خروج بلغت قيمته نحو 194.64 مليون دولار، وهو أكبر تدفق سلبي يومي منذ 20 نوفمبر.
هذا الخروج الكبير زاد من حدة الضغط البيعي وتزامن مع هبوط حاد لبيتكوين خلال نفس اليوم. وفي يوم الجمعة 5 ديسمبر، تحولت التدفقات إلى إيجابية بشكل طفيف، مع تسجيل صافي دخول بقيمة 54.79 مليون دولار فقط، لكنه بقي ضعيفا مقارنة بموجة الخروج السابقة، ولم ينجح في عكس الاتجاه الهابط.
رغم ذلك، لا تزال التدفقات التراكمية منذ الإطلاق قوية عند مستوى 57.62 مليار دولار، بينما تبلغ صافي أصول صناديق بيتكوين الفورية نحو 117.11 مليار دولار. إلا أن منحنى التدفقات استقر بشكل واضح خلال ديسمبر، ما يشير إلى تراجع ثقة المؤسسات على المدى القصير.
خروج استثمارات من صناديق إيثيريوم وسولانا
لم يقتصر الضغط على بيتكوين فقط، بل امتد إلى صناديق إيثيريوم وسولانا. فقد سجلت صناديق إيثيريوم خروج استثمارات تجاوزت 50 مليون دولار في وقت سابق من الأسبوع، بينما سجلت منتجات سولانا عمليات استرداد بقيمة 32 مليون دولار.
وعند إغلاق تداولات الجمعة، دخلت 15 مليون دولار فقط إلى صناديق سولانا، في حين شهدت صناديق إيثيريوم خروج جديد بقيمة 75 مليون دولار، ما زاد من الضغط على سوق العملات البديلة الذي يعاني أساسا من ضعف الزخم.
XRP يخالف اتجاه السوق دون أن ينعكس ذلك على السعر
على عكس باقي السوق، واصلت صناديق XRP جذب استثمارات جديدة منذ انطلاقها دون أي يوم خروج حتى الآن. يوم الجمعة، دخلت استثمارات جديدة بقيمة 10.3 مليون دولار عبر مؤسسات مثل Canary Capital وBitwise وGrayscale وFranklin، ليرتفع إجمالي التدفقات إلى نحو 897 مليون دولار.
لكن هذه التدفقات الإيجابية لم تنجح في دعم سعر العملة، حيث يتم تداول XRP حاليا قرب 2.04 دولار، مع تهديد حقيقي بكسر مستوى الدعم النفسي عند 2 دولار.
التصفيات تعمق الهبوط وتضغط على السوق
تسارعت وتيرة الهبوط مع تفريغ الرافعة المالية من السوق. ووفقا لبيانات CoinGlass، تمت تصفية أكثر من 411 مليون دولار من مراكز التداول خلال آخر 24 ساعة، وشملت 132442 متداولا.
غالبية هذه التصفيات جاءت من مراكز الشراء بعد أن فقدت بيتكوين مستوى الدعم قرب 90000 دولار. كما تم تسجيل أكبر صفقة تصفية واحدة بقيمة 8.5 مليون دولار على منصة Hyperliquid، ما يبرز حجم المخاطر المركزة داخل أسواق العقود الدائمة.
بيتكوين تهبط دون مستويات فنية مهمة
في وقت إعداد التقرير، يتم تداول بيتكوين عند مستوى 89732 دولارا، بانخفاض يومي نسبته 2.6%، وخسارة شهرية قاربت 13%. كما لامست العملة قاعا لمدة خمسة أيام قرب مستوى 88000 دولار بعد فشلها في الثبات فوق نطاق 92000 إلى 94000 دولار.
إيثيريوم يتداول عند 3039 دولارا بانخفاض يومي 4% وخسارة شهرية 10%. أما XRP فيتداول قرب 2.05 دولار بخسارة يومية 1.8% وشهرية 12%.
سولانا سجلت 133.15 دولارا بخسارة يومية 4.1% وشهرية 16.5%. كما تراجع سعر BNB إلى 884.12 دولارا بانخفاض يومي 2.2% وخسارة شهرية 7%. وسجلت عملات أخرى مثل APT وHYPE وPUMP وPEPE وWLD وAVAX خسائر أعمق خلال الجلسة.
عوائد السندات الأميركية تضيف ضغطا اقتصاديا جديدا
شهدت عوائد سندات الخزانة الأميركية ارتفاعا جديدا زاد من حدة الضغوط على الأصول عالية المخاطر. فقد قفز العائد على سندات العشر سنوات بنسبة 4% يوم الجمعة ليصل إلى أعلى مستوى له منذ 14 نوفمبر، مسجلا أقوى ارتفاع أسبوعي منذ شهر يونيو.
جاء ذلك رغم أن بيانات مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي أظهرت نموا متوافقا مع التوقعات، ما عزز رهانات خفض الفائدة في اجتماع الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر. لكن ارتفاع القراءات العامة للتضخم واتساع المخاطر المالية يشيران إلى أن تكاليف الاقتراض طويلة الأجل قد تبقى مرتفعة حتى عام 2026.
الخلاصة
هبوط العملات الرقمية اليوم جاء نتيجة مزيج من العوامل الاقتصادية والفنية، أبرزها ارتفاع عوائد السندات، وتراجع تدفقات ETF، وموجة تصفيات ضخمة في سوق العقود. ورغم وجود بعض التدفقات الإيجابية المحدودة، إلا أن الصورة العامة لا تزال تميل إلى الحذر الشديد. اتجاه السوق في الفترة المقبلة سيبقى مرتبطا بقرارات البنوك المركزية، وتغير تدفقات الصناديق، ومستوى الرافعة المالية داخل السوق.




